الأشجار البلاستيكية وضياع القيم الجمالية في التصميم

الأشجار البلاستيكية وضياع القيم الجمالية في التصميم
الأشجار البلاستيكية وضياع القيم الجمالية في التصميم

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
الأشجار البلاستيكية وضياع القيم الجمالية في التصميم, اليوم السبت 26 يوليو 2025 11:34 مساءً

أحرص عند السفر على حجز إقامتي في فندق فاخر ومتميز، أشاهد المكان من خلال الصور فتعجبني؛ ولكن عندما أحط الرحال أجد اختلافا شاسعا. يستقبلني بهو واسع، تتزين مساحته بإضاءة وألوان متعددة ولكنها مزعجة للعين. أما التصميم فيميل إلى الحداثة ولا يعكس القيم الثقافية في المنطقة. أشجار ليست هي التي رأيتها في الصور، إنها من بعيد تبدو أشجارا طبيعية؛ ولكن عند الاقتراب منها شيئا فشيئا يتضح أنها أشجار مزيفة كئيبة المظهر تجتمع على أوراقها الأتربة والغبار. تتوفر في البهو جلسات للضيوف بوسادات ملونة ومقاعد فاخرة، ويحظى النزلاء بخدمات فندقية مفترض أن تلبي جميع احتياجاتهم وتضفي على تجربتهم مستوى عاليا من الراحة والرفاهية. أصدقكم القول، لم أشعر بالراحة، فالمكان بعيد عن البساطة والأصالة. اتساع المكان وكثرة الإضاءة يشعراني بالضياع والرهبة وفقدان القيم الجمالية. والأدهى من ذلك وجود الأشجار البلاستيكية التي تشعرني بفقدان المصداقية. حتى الطيور تأنف من زيارة هذا المكان فلا أحد يقبل الزيف والخداع.

إن الفخامة لا تقاس بتوفر العناصر التصميمية المادية فحسب؛ بل باللمسات الإبداعية وأهمها استلهام الطبيعة. فإذا ذهبت إلى مطعم ورأيت أن طاولة الطعام مزينة بوردة صناعية فأعلم أن المطعم بعيد كل البعد عن القيم الجمالية. وإذا ذهبت إلى فندق أو مستشفى أو مطار أو مجمع تجاري ضخم فوجدت أشجارا صناعية مثبتة بالبراغي، وبساطا أخضر مصنوعا من البلاستيك يحاكي المسطحات الخضراء الطبيعية فأعلم أن التصميم بعيد عن معايير الاستدامة البيئية والاجتماعية. وفي هذا السياق يؤكد Timothy Beatley وهو باحث في مجال المدن المستدامة في كتاب «الاستخدام الأخلاقي للأرض: مبادئ السياسة والتخطيط»، أن تقليل التكاليف الاقتصادية في التصميم العمراني لا يعني غياب الجماليات والثقافة وأصالة المكان. ويضيف «إن فكرة إدخال بدائل وهمية أو مزيفة لتحل محل البيئة الطبيعية مثل الأشجار البلاستيكية في المدن تعد فكرة ساذجة. إنها ملائمة اقتصاديا على المدى القصير؛ ولكنها تؤثر على القيم الجمالية والبيئة العامة».

في الحقيقة يحرص العديد من المصممين على إحياء المكان باستخدام عناصر طبيعية حية مثل الأشجار والأزهار والنباتات الطبيعية؛ بل يحاول البعض إضافة عناصر حية كأحواض الأسماك؛ كل ذلك من أجل تعزيز حيوية المكان. وفي المقابل، يستخدم البعض البدائل الصناعية مثل الأشجار البلاستيكية والحشائش الاصطناعية في الأماكن العامة وبشكل لا يعبر عن المصداقية في التصميم العمراني ويخلق نوعا من العلاقة السلبية بين العمران والإنسان.

يعطي هذا التصميم المزيف انطباعا بوجود طبيعة قبيحة، فلا أحد يريد أن يتناول وجبة طعام مكونة من أشباه طعام بلاستيكي وغير حقيقي. شتان بين الحالتين، فهناك بون شاسع بين التصميم الأصيل الذي يتماهى مع طبيعة المكان والتصميم المزيف الذي يخدع الإنسان. إن التصميم الأصيل هو الذي يتكيف مع البيئة الطبيعية ويحاول استلهام القيم الثقافية والجمالية ليعكسها في مفردات التصميم بما في ذلك أنظمة التهوية واستخدام الإضاءة الطبيعية والأشجار والنباتات الطبيعية.

أتساءل كيف نحقق قيما جمالية في التصميم إذا كان التصميم نفسه قائما على خداع المستخدم وإيهامه باستخدام بدائل غير حقيقية؟

وختاما، فإن انتشار مثل هذه التصاميم العمرانية لا يتماشى مع مبادئ الاستدامة والحفاظ على البيئة، كما أنه يقلل من الوعي بأهمية التوازن الطبيعي والحفاظ على المصادر البيئية.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق الأشجار البلاستيكية وضياع القيم الجمالية في التصميم
التالى «الإحصاء»:  1.1% نسبة ارتفاع الرقم القياسي لتكاليف البناء