قال الجيش الإسرائيلي أمس إن أكثر من 250 ألف شخص نزحوا من مدينة غزة إلى مناطق أخرى من القطاع خلال الأسابيع القليلة الماضية منذ تكثيف هجومه على المدينة، بعدما كان عدد سكانها ممن بقوا فيها أو نزحوا إليها يقدر بنحو مليون شخص، فيما قال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) إن إسرائيل فرضت حكما بالإعدام على مدينة غزة، مشيرة الى أن الفلسطينيين لم يعد أمامهم سوى الاختيار بين مغادرة المدينة أو الموت.
وأفاد الدفاع المدني في القطاع بمقتل خمسة فلسطينيين أمس في عمليات قصف إسرائيلي، وذلك غداة إعلانه عن مقتل 50 شخصا على الأقل في مختلف أنحاء القطاع المحاصر والمدمر جراء 23 شهرا من الحرب.
وكتب المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي على منصة «إكس»، أنه بحسب تقديرات الجيش «انتقل أكثر من ربع مليون من السكان والمقيمين في مدينة غزة إلى خارج المدينة حفاظا على سلامتهم».
ووفق تقديرات الأمم المتحدة، كان نحو مليون شخص يعيشون في مدينة غزة ومحيطها قبل تكثيف الجيش هجماته للسيطرة على غزة وبدء تدميره للأبراج العالية قبل نحو أسبوع.
وأمس ألقت الطائرات الإسرائيلية منشورات تحث سكان الأحياء الغربية في كبرى مدن القطاع على مغادرتها، بينما أفاد الدفاع المدني باستمرار الغارات الجوية.
وجاء في المنشور أن الجيش «مصمم على حسم المعركة مع «حماس» في كل مكان وسيعمل ضدها أيضا في مدينة غزة بقوة كبيرة»، وأضاف «في هذه المرحلة شارع الرشيد مفتوح ويمكن الإخلاء عبره إلى المنطقة الإنسانية في المواصي (جنوب). من أجل سلامتكم أخلوا فورا».
غير أن منطقة المواصي تتعرض لقصف مدفعي كثيف بشكل متكرر، ويقول الفلسطينيون انه لا مكان فيها لنصب خيام إضافية.
واضطرت الغالبية العظمى من سكان القطاع الذين يزيد تعدادهم على مليوني نسمة للنزوح خلال الحرب.
في الأثناء، أفادت وزارة الصحة في غزة بارتفاع عدد ضحايا المجاعة وسوء التغذية إلى 420 شهيدا بينهم 145 طفلا. يأتي ذلك وسط تحذيرات منظمات إنسانية من التداعيات الكارثية للحملة العسكرية الإسرائيلية.
وأكدت الوزارة وفاة 7 فلسطينيين نتيجة المجاعة وسوء التغذية بينهم طفلان خلال 24 ساعة.
وفي تعليق على التطورات الجارية، قال المفوض العام لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) فيليبي لازاريني إن المجاعة في قطاع غزة هي نتيجة القيود المتعمدة المفروضة على المساعدات، إضافة إلى تدمير البنية التحتية الحيوية والهجمات المتكررة على العمليات الإنسانية.
وذكر لازاريني أنه لم ير قط مثل هذا الاستهتار الصارخ بالوضع المحمي للعاملين في المجال الإنساني بموجب القانون الدولي.
من جهتها، قالت متحدثة مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) أولغا تشيريفكو إن إسرائيل فرضت حكما بالإعدام على مدينة غزة، مشيرة الى أن الفلسطينيين لم يعد أمامهم سوى الاختيار بين مغادرة المدينة أو الموت.
جاء ذلك خلال مؤتمر صحافي عقدته عبر اتصال مرئي من منطقة دير البلح جنوبي قطاع غزة، تحدثت فيه إلى مجموعة من الصحافيين العاملين في مقر الأمم المتحدة بمدينة نيويورك الأميركية.
وقالت تشيريفكو «حكم على مدينة غزة بالإعدام، إما المغادرة أو الموت. أمر مئات الآلاف من المدنيين المنهكين والمرهقين والمذعورين بالفرار إلى منطقة مكتظة، حيث تضطر حتى الحيوانات الصغيرة للبحث عن مساحة للتحرك»، في إشارة إلى إنذارات إسرائيل لتهجير سكان مدينة غزة واحتلالها.
وحذرت الأمم المتحدة مرارا من «كارثة» في حال المضي قدما بخطة السيطرة على مدينة غزة التي أقرتها الحكومة الإسرائيلية في أغسطس. وقصفت الطائرات الإسرائيلية أمس 3 مدارس تؤوي نازحين في مدينة غزة، وبالتزامن استهدفت قوات الاحتلال مجددا حشود المجوعين الباحثين عن الطعام، مما أسفر عن سقوط شهداء ومصابين.
ووفق قناة «الجزيرة»، استهدفت طائرات الاحتلال مدارس «الست سورة»، و«العالية»، و«شحيبر»، التابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) وتقع في مخيم الشاطئ غربي مدينة غزة.
وأفادت «الجزيرة» بأن الغارات على المدارس الثلاث أسفرت عن سقوط مصابين.
ونشرت وسائل إعلام فلسطينية صورا تظهر دخانا كثيفا يتصاعد من المدارس المستهدفة، وقالت وكالة «الأناضول» للأنباء إن هذه المدارس كانت تؤوي آلاف النازحين.
وبالتزامن مع ذلك، دمرت الطائرات الإسرائيلية أمس برجا سكنيا آخر في مدينة غزة، وأفادت قناة «الجزيرة» بأن طائرات الاحتلال قصفت ودمرت برج النور في حي تل الهوا جنوبي مدينة غزة.
وقبل دقائق من الغارة أنذر جيش الاحتلال سكان البرج بإخلائه تمهيدا لقصفه، وذلك بعد تدميره 6 أبراج أخرى في الأيام السابقة.
من جهتها، دعت وزارة الصحة في غزة كل الجهات المعنية إلى التدخل فورا لتعزيز أرصدة وحدات الدم ومكوناته في مستشفيات القطاع.
وأوضحت الوزارة أن الوضع في بنوك الدم حرج ويهدد قدرة المستشفيات على تقديم الرعاية الطبية للمرضى والجرحى، خصوصا في ظل استمرار العدوان الإسرائيلي وزيادة أعداد المصابين.
وصرح مدير وزارة الصحة في غزة د.منير البرش لـ «الجزيرة»، بأن القطاع سجل 7 وفيات جديدة نتيجة التجويع خلال ساعات، في ظل استمرار الحصار الإسرائيلي ومنع إدخال المساعدات.
وأضاف أن الوضع الصحي يزداد خطورة مع نفاد المضادات الحيوية، مؤكدا أن الأطباء باتوا أمام خيار قاس يتمثل في بتر أعضاء المرضى لتجنب انتشار الالتهابات القاتلة.